الاثنين، 28 فبراير 2011

قصيدة إبن الوردي- إعتزل ذكر الأغاني والغزل

إِعْتَزَل ذِكْر الِأَغَانِي وَالْغَزَل *** وَقُل الْفَصْل وَجَانِب مـن هَزَل

وَدَع الـذِّكـر لِأَيـام الْصِّبَا *** فـلِأَيـام الْصِّبـا نـجَم أَفـل

إِن أَهُنَا عَيـشَة قـضَيْتِهـا *** ذِهـبُت لَذَّاتُهـا وَالْإِثـم حـل

وَاتـرُك الْغَادَة لَا تَحْفَل بِهَا *** تـمْس فـي عِز رَفِيْع وَتُجَل

وَافْتَكَر فِي مُنْتَهَى حُسْن الْذَّي *** أَنـت تـهَوَاه تَجِد أَمـرَا جَلَل

وَاهْجُر الْخْمَرْة إِن كُنْت فَتَى *** كَيْف يَسْعَى فِي جُنُوْن مَن عَقَل

وَاتـق الْلَّه فَتـقُوَى الْلَّه مـا *** جَاوَرَت قُلْب امْرِيْء إِلَا وَصَل

لَيْس مـن يُقْطَع طُرُقَا بَطَلَا *** إِنـمَا مـن يـتَّقَي الْلَّه الْبَطـل

صَدِّق الْشَّرْع وَلَا تَرَكَن إِلَى *** رَجـل يـرَصَد فِي الْلَّيْل زُحَل

حَارَت الْأَفْكَار فِي حِكْمَة مَن *** قـد هـدَانـا سُبْلَنَا عَز وَجَل

كُتِب الْمَوْت عَلَى الْخَلْق فَكَم *** فـل مِن جَيْش وَأَفْنَى مِن دُوَل

أَيـن نُمـرُوْد وَكَنْعَان وَمَن *** مَلَك الْأَرْض وَوّلـى وَعـزَل

أَيـن عَاد أَيْن فِرْعَوْن وَمَن *** رَفـع الْأَهْرَام مـن يَسْمَع يَخَل

أَيْن مَن سَادُوْا وَشَادُوْا وَبَنَوْا *** هـلَك الْكُل وَلـم تـغَن الْقُلَل

أَيْن أَرْبَاب الْحِجَى أَهْل الْنُّهَى *** أَيـن أُهـل الْعِلْم وَالْقَوْم الْأَوَل

سَيـعَيـد الْلَّه كـلِا مِنـهُم *** وَسَيـجُزَي فـاعِلا مَا قَد فَعَل

إِي بُنَي اسْمَع وَصَايَا جَمَعَت *** حِكَمـا خُصَّت بِهـا خَيْر الْمِلَل

أُطْلَب الْعِلْم وَلَا تَكْسَل فَمـا *** أَبِعـد الْخَيِّر عَلَى أَّهـل الْكَسَل

وَاحْتَفـل لِلْفِقْه فِي الْدِّيْن وَلَا *** تـشْتُغّل عَنـه بـمَال وَخـوَل

وَاهـجَر الْنَّوْم وَحَصِّلْه فَمَن *** يَعْرِف الْمْطَلُوْب يـحُقِّر مَا بَذَل

لَا تـقُل قـد ذَهَبَت أَرْبَابُه *** كّل مَن سَار عَلَى الْدَّرْب وَصَل

فِي ازْدِيَاد الْعِلْم إِرْغَام الْعِدَى *** وَجَمَال الْعِلْم إِصـلَاح الْعَمـل

جَمِّل الْمَنْطِق بِالْنَّحْو فـمِن *** يـحَرَم الْإِعْرْاب بِالنُّطْق اخْتَبَل

انـظُم الْشِّعْر وَلَازِم مَذْهَبِي *** فـي اطَّرَاح الْرَّفْد لَا تَبْغ الْنَّحَل

فَهُو عُنْوَان عَلَى الْفَضْل وَمَا *** أَحْسَن الْشِعْر إِذَا لـم يـبِتـذَل

مَات أَهْل الْفَضْل لَم يَبْق سِوَى*** مُقْرِف أَو مَن عَلَى الْأَصْل اتَّكِل

أَنـا لَا أَخـتَار تـقُبَيْل يَد *** قـطَعَهَا أَجْمَل مـن تِلْك الْقُبُل

إِن جَزَتْنِي عَن مَدِيْحِي صِرْت *** فِي رِقِّهَا أَو لَا فَيَكْفِيْنِي الْخـجَل

أُعـذَّب الْأَلْفَاظ قَوْلِي لَك خُذ *** وَأَمـر الْلَّفْظ نُطـقِي بَلّعـل

مُّلْك كِسْرَى عَنْه تُغْنِي كِسْرَة *** وَعـن الْبَحْر اجْتِزَاء بِالْوَشَل

اعـتِبْر (نَحْن قَسَمْنَا بَيْنَهُم ) *** تـلْقُه حَقّا ( وَبِالْحـق نـزِل)

لَيْس مَا يَحَوُي الْفَتَى مِن *** عَزْمِه لَا وَلَا مَا فَات يَوْمـا بِالَّكْسَل

اطـرَّح الْدُّنْيَا فَمَن عَادْاتهِا *** تُخَفِّض الْعَالِي وَتُعْلِي مَن سَفَل

عَيْشَة الْرَّاغِب فِي تَحْصِيْلِهَا *** عَيْشـة الْجَاهـل فِيْهـا أَو أَقْل

كـم جَهُوْل بَات فِيْهَا مُكْثِرِا *** وَعَلَيـم بَات مِنْهـا فـي عِلَل

كَم شُجَاع لَم يَنَل فِيْهَا الْمُنَى *** وَجَبـان نـال غَايَات الْأَمَل

فَاتـرَك الْحِيْلَة فِيْهَا وَاتَّكِل *** إِنـمَا الْحِيْلَة فـي تَرْك الْحِيَل

أَي كَف لَم تَنَل مِنْهَا الْمُنَى *** فَرْمـاهـا الْلَّه مِنـه بـالْشَّلَل

لَا تَقُل أَصْلِي وَفَصْلِي أَبَدا *** إِنَّمَا أَصْل الْفَتَى مَا قـد حَصَل

قَد يَسُوْد الْمَرْء مِن دُوْن أُب *** وَبِحُسْن الْسَّبْك قَد يُنَقَّى الْدَّغّل

إِنـمَا الْوِرْد مِن الْشَّوْك وَمَا *** يَنـبُت الْنَّرْجِس إِلَا مِن بَصَل

غـيَر أَنِّي أَحْمـد الّلَه عَلَى *** نُسِبـي إِذ بـأَبِي بَكْر اتَّصَل

قِيَمـة الْإِنْسَان مـا يُحْسِنُه *** أَكْثـر الْإِنْسـان مِنـه أَم أَقَل

أُكـتَم الْأَمْرَيْن فَقْرَا وَغِنَى *** وَاكْسَب الْفَلْس وَحَاسِب وَمَن بَطَل

وَادَّرَع جَدَّا وَكَدَا وَاجْتَنِب *** صُحْبَة الْحَمْقَى وَأَرِبـاب الـخَلَل

بـيُن تُبـذيّر وَبُخْل رُتْبَة *** وَكـلَا هـذِيـن إِن زَاد قَتـل

لَا تَخُض فِي حـق سَادَات *** مَضَوْا إِنـهُم لَيْسُوْا بـأَهْل لِلْزَّلَل

وَتَغَاضَى عـن أُمُوْر إِنـه *** لـم يـفُز بِالَّحْمَد إِلَا مَن غَفَل

لَيْس يَخَلُو الْمْرَء مِن ضَد *** وَلَو حَاوَل الْعُزْلَة فِي رَاس الْجَبَل

مِل عَن الْنَمَّام وَازْجُرُه فَمَا *** بَلَّغ الْمـكُرُوه إِلَا مـن نَقـل

دَار جَار الْسُّوْء بِالْصَّبْر وَإِن *** لـم تَجِد صَبَرَا فَمَا أَحْلَى الْنُّقَل

جَانِب الْسُّلْطَان وَاحْذَر بَطْشَه *** لَا تـعـانِد مَن إِذَا قـال فَعَل

لَا تَل الْأَحَكـام إِن هُم سَأَلْوا *** رُغـبَة فِيْك وَخَالِف مَن عَذَل

إِن نِصْف الْنَّاس أَعَدَّاء لِمَن *** وَلـي الْأَحْكَام هَذْا إِن عَدَل

فَهُو كَالْمَحَبُوس عَن لَذَّاتـه *** وَكِلَا كَفَّيْه فـي الْحَشْر تُغَل

إِن لِلِنَقْص وَالاسَتْثِقال فـي *** لَفْظَة الْقَاضِي لَوَعِظَا أَو مَثَل

لَا تُوَازِى لَذَّة الْحُكْم بـمَا ذَاقَه *** الْشَّخْص إِذْا الْشَّخْص انْعَزْل

فَالْوِلايَات وَإِن طَابَت لِمَن *** ذَاقـهَا فَالَّسُّم فـي ذَاك الْعَسَل

نَصَّب الْمَنْصِب أَوَّهـى جَلَدَي *** وَعَنَائـي مِن مُدَارَاة الْسَّفَل

قَصِّر الَآمـال فـي الْدُّنْيَا تَفُز *** فَدُلِّيـل الْعَقْل تَقْصِيْر الْأَمَل

إِن مَن يُطـلُبُّه الْمـوَت عَلَى *** غـرَّة مِنـه جَدِيْر بِالْوَجـل

غِب وَزُر غِبَّا تَزِد حُبَّا فَمـن *** أَكْثـر الْتَّرْدَاد أَقـصَاه الْمَلَل

لَا يَضـر الْفَضْل إِقْلَال كَمَا *** لَا يَضُر الْشَّمْس إِطْبَاق الْطَّفَل

خُذ بِنَصْل الْسَّيْف وَاتْرُك غِمَدَه *** وَاعْتَبِر فَضْل الْفَتَى دُوْن الْحُلُل

حُبَّك الْأَوْطَان عِجـز ظَاهِر *** فـاغْتَرِب تَلْق عَن الْأَهْل بَدَل

فَبِمُكْث الْمَاء يـبَقِى آَسِنـا *** وَسـرَى الْبَدْر بِه الْبَدْر اكْتَمَل

أَيـهَا الْعَائِب قـوَلِي عَبَثَا *** إِن طَيـب الـوَرْد مُؤْذ لِلْجُعَل

عد عَن أَسْهُم قَوْلِي وَاسْتَتِر *** لَا يُصَّيـبَنَّك سَهـم مـن ثُعَل

لَا يـغُرَّنّك لَيِّن مـن فَتَى *** إِن لِلْحَيـات لَيِّنـا يـعَتـزِل

أَنَا مِثـل الْمَاء سَهِل سَائِغ *** وَمُتـى أسِخـن آَذَى وَقَتـل

أَنَا كَالْخَيْزُوْر صَعْب كَسُّرُه *** وَهُو لَدْن كَيَّف مَا شِئْت انْفَتَل

غَيْر أَنِّي فِي زَمَان مَن يَكُن *** فِيْه ذَا مَال هُو الْمَوْلَى الْأَجَل

وَاجِب عِنْد الْوَرَى إِكْرَامُه *** وَقَلِيـل الَمـال فِيْهِم يُسْتَقَل

كَل أَهْل الْعَصْر غَمْر وَأَنَا *** مِنْهـم، فَاتْرُك تَفَاصِيْل الْجُمَل

وَصـلاة الْلَّه رَبـي كُلَّمَا *** طَلـع الْشَّمْس نَّهـارّا وَأُفـل

لِلَّذِي حَاز الْعُلَى مِن هَاشِم *** أَحَمَد الْمُخْتَار مِن سـاد الْأَوَّل

وَعَلَى آَل وَصَحْب سـادَة *** لَيْس فِيـهُم عَاجِز إِلَا بَطـل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ